العميل الذهبي
بقلم : سيف تويلي النعيمي
المقال في موقع النشر
في عالم المال والأعمال هناك فئة من الناس لهم تأثيرهم الواضح في حركة الأسواق وتذبذب الأسعار ونستطيع أن نقول بأن الأسواق تسير خلفهم فأينما حلت رغباتهم كان لهم بصمةً واضحة ، نحن نتحدث عن مالكين الأموال والثروات والمداخيل والمرتبات العالية بل المشغلين الرئيسيين للعمليات المصرفية والبنوك ونقصد بالمشغليين الرئيسيين للعمليات المصرفية بأن هؤلاء هم أصحاب الودائع التي توفر السيولة للمصرف التي بموجبها تستغل في الاستثمار بأشكاله المعروفة .
للمصارف ضوابط واشتراطات لممارسة العمل المصرفي ومنها أن يكون للمصرف رأس مال وكذلك احتياطي يتم حجزة في المصرف المركزي لمواجهة المخاطر المستقبلية وكذلك لأي مصرف يكون هناك مجلس إدارة وظيفته الأساسية هو وضع السياسات التي تحقق الربح للمصرف وأن جميع المصارف سواء كانت تجارية أو إسلامية هي قائمة على نفس المبدأ وينصب اهتمام هذا المجلس بالدرجة الأولى على الودائع التي يخطط لتوظيفها بالشكل الصحيح لبلوغ الهدف الرئيسي، قد يبدو للبعض بأن العملية بسيطة فهي عملية استقطاب الأموال وتوظيفها ومن ثم تحقيق الربح وهذا ما جعل الكثيرين يعتقدون بأن العميل الذهبي هو واحد من تلك الفئة التي ذكرناها في بداية هذا المقال وقد يظن البعض كذلك بما أن أصحاب الودائع هم المشغليين الرئيسيين للعمليات المصرفية فعلياً وقد يكون اهتمام مجلس الإدارة الفعلي على هؤلاء المودعين ولكن في عالم المال والأعمال نقول هذا غير صحيح لأننا عندما نتحدث عن الودائع فأننا نشير إلى السيولة والسيولة وحدها لا تكفي لتحقيق الربح فكثرتها اكتناز وعدم استغلالها يقتل النشاط المالي وعندما نتكلم عن الاستغلال كذلك نحن نشير إلى المخاطر فكلما زادت المخاطر جُنيت ثمار الاستثمار والمخاطر لا تأتي من عملية الإيداع فهي مجرد التزام على المصرف وفي غالب الأمر هذا الالتزام مؤمن بعدت طرق و معظم المصارف لديها خطط للوفاء بهذا الالتزام لذا نقول المودع شخص مرحب به في المصرف وله معاملة خاصة تتمثل في فتح حساب في آي بي وإصدار دفتر شيكات لهُ وتوفير خدمات مصرفية سهلة وسريعة توصله إلى كل ما يتعلق بحسابة وجميع هذه الخدمات هي في حقيقة الأمر مدفوعة من حساب المودع فلا توجد خدمات لوجه لله في عالم المال ورغم هذا كله كم هو سهل على البنك الاستغناء عن هذا المودع بل في بعض البنوك لا يسألونك عن سبب سحبك للأموال لأن معظم المصارف لها حد أدنى للمودعين و حد أدنى للسيولة فكل ما كان هذا المؤشر فوق هذا الحد ضمن المصرف حيوية ونشاطه وبالتالي يستفيد البنك من هذا الجانب في تكوين هيبة يستفيد منها في تضلل بها بعض المستثمرين بأساليب وطرق هي فالحقيقة ليست من سياق حديثنا ويمكن الحديث عنها في مقال آخر.
إذا من هو العميل الذهبي للمصارف ؟
إن العميل الذهبي لأي مصرف هو المقترض أي المحتاج لتلك الأموال المودعة وعملية الإقراض هي عملية نسبة خطورتها كبيرة بحسب طبيعة المقترض فنراها تتراوح من الحكومة إلى المستثمر وصولاً إلى الأفراد وهذا الاختلاف والتباين مرتبط بحسب قدرة المقترض على وفائه بالالتزام المتعهد به أي أنه كلما كان ضمان وفاء الدين في الوقت المحدد كانت نسبة الفائدة قليلة وهذا يقودنا كذلك استبعاد المقترضين المضمون سدادهم للدين لأن خطورتهم مقيدة بضمانات مثل التأمين والرهون وغيرها وبالتالي العميل الذهبي هو الفرد العادي الذي لا يملك سوى معاشه الشهري فهو شخص محتاج بطبيعة الحال وبسبب عدم مقدرته بإعطاء ضمانات مثل ضمانات الحكومة أو المستثمرين فهو مجبر بدفع نسبة الفائدة المحددة وكذلك يكون مضطر في بعض الأحيان إلى سداد ضعف تلك الفائدة بسبب التأخير في السداد وهذه هي الخطورة المربحة للمصارف بالدرجة الأولى وهذا هو العميل الذي لا يتمنى المصرف خسارته فترى معظم المصارف تصب اهتمامها على هؤلاء العملاء فهم أول من يطلع على العروض المقدمة من المصرف ويتم عمل تسهيلات لهم مجانية في أمل الحصول على عوائد مجزية في حال اقتنائهم لتك التسهيلات ، وقد يرى البعض بأن كلا الفئتين مهمين للمصرف وهذا كلام صحيح إلا أن المقترضين هم الأهم لأن المودع بطبيعة الحال هو عبئ على المصرف فهو يطالب البنك الحفاظ على أمواله وهذا أمر مُكلف وكذلك يُطالب البنك مضاعفة أمواله وهذا أمر يضع البنك تحت مسؤولية كبيرة لذا نرى البنوك تعطي المودعين نسبة فائدة قليلة علاوة على حفاظ أموالهم وهذه النسبة لا يدفعها البنك من رأس ماله بل يدفعها العميل الذهبي نتيجة اقتراضه والحصول على احتياجاته فهو يدفع لأثنان المصرف أولا والمودع ثانيا ، لهذا المصارف الحديثة بدأت بابتكار حلول جديدة لاستقطاب العميل الذهبي وتركز على بعض المواسم لتقديم هذه العروض وكذلك تشجع العميل على استخدام بطاقات الائتمان وغيرها مقابل خصومات ومكافآت الولاء والسحوبات وتأجيل السداد في بعض المناسبات وغيرها من الممارسات فالعميل الذهبي هو دائماً محل اهتمام أعضاء مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية في المصرف وبذلك يعتبر المصرف ذو الكفاءة والإنتاجية هو المصرف الذي يركز على تنويع مصادر سيولته والاعتماد على استثماراته والمهتم بالعميل الذهبي ولا نستغرب من الأيام القادمة إذا سمعنا عن ما يسمى بحساب في آي بي لمحدودي الدخل .
اترك تعليقًا