سيف النعيمي

كاتب . مُحلل مالي . مُدرِب مُعتْمد

مدراء العمل عن بُعد


Remotestar_Consulting_Remote_Work_Recruitment_Management_Solutions_Team_Management_Global_Employees_Employment_Management_HOME_Hero

29 مارس 2020

منذ بدء الوباء وأنا أراقب الحدث عن كثب ردود واستجابة الدول عما يقال عن كرونا وفي حقيقة الأمر كنت أراقب استجابة الاقتصاد وأتصيد بوازغ تأثر القطاعات ولاحقًا ما لفت انتباهي هو الإنسان نفسه بدأ لي الجميع في جدية تامة يتناقلون الأخبار يُحذر كل منهم الأخر ويطالب البعض تدخل الحكومات والأمر في كثير من الدول حتم على بعض الحكومات الغير مبالية للوضع التدخل بضغط التواصل الاجتماعي وانشغال البشر بهذا الوباء وخوفهم منه بالرغم من أنه ليس أسوء وباء مر على البشرية.

تحرك من تحرك وماطل من ماطل وأخيرا استجاب العالم برمته وبدأت الإجراءات الوقائية والاحترازية تظهر وتم تأجيل كل الأنشطة السياسية والاقتصادية وتفرغ الجميع لخطط الإنقاذ وشارك البعض في أرض الميدان والبعض الأخر تعاون ببقائه ملتزماً بالتعليمات وهي أهم مشاركة لصد وحد انتشار الفايروس.

كرونا وبدون سابق إنذار بدأ عملية أنتشاره ينتقل بدون قيود يستوطن ويفتك الضعيف بدنياً وذهنياً وفي حقيقة الأمر لا اريد أن اتحدث عن الوضع الصحي وهو ليس مجالي بل أريد تسليط الضوء على من فتك بهم كرونا ذهنياً وتقطعت بهم السبل في التفكير والتدبير فقد أقلق هذا الوباء أرباب الأعمال الضعفاء ومدراء البرستيج الذين توقفت أعمالهم أو الذين أنتقل موظفيهم للعمل عن بعد هؤلاء الفئة من المدراء لم يكونوا مستعدين لحدث مثل هذا بالرغم أن من يسمع حديثهم عن استمرارية الأعمال يقول هؤلاء لا يقهرهم وباء ولا هُباء ولكن للأسف كان مفهوم استمرارية الأعمال عند فئة من المدراء يقتصر فقط على تقديم الخدمات وإنتاج البضائع في ظروف انقطاع مولدات الطاقة والإنترنت أو مشاكل تقنية متعلقة بالأنظمة نفسها وهناك فئة ذهبت بتفكيرها قليلاً لأشمل من ذلك لتأخذ بعين الاعتبار الكوارث الطبيعية أما قصة العمل عن بعد في ظروف توفر الطاقة والأنظمة تعمل كما معهود منها والجو صافي ولا توجد أية كوارث طبيعة لم يتوقعهُ أحد ولكنه باغت قصيري النظر و وضع مدراء البريستيج تحت اختبار حقيقي في إدارة فرق العمل فكيف كانت عاقبة ذلك لنرى سويا ماذا حدث لهؤلاء:

أولًا مدراء الحضور والغياب وهم كثرة في المؤسسات يأخذون مسألة الالتزام الوظيفي موت أو حياة أثبت كرونا أن التواجد هو الالتزام التام في تنفيذ المهام والواجبات وليس الحضور الشخصي اليوم جميع الموظفين يعملون من منازلهم يجلسون في المكان الذي يعجبهم يرتدون ملابسهم الغير رسمية ينجزون الأعمال وهم يتناولون وجبة الإفطار، لم يعد لهؤلاء المدراء سلطة في مسألة الحضور والغياب بل هم الآن أمام تحدي في كيفية أثبات التزام فريق العمل بالمهام والواجبات هذه المسألة لن تواجه المدير الذي كان يركز على وضع خطط للعمل ويشجع فريق عمله على تنفيذ المهام والذي يدعم أعضاء فريقه من خلال صقل مهاراتهم ويشجعهم ويحفزهم لذلك اليوم نرى بعض المدراء ليس لدية ما يقوم به سوى الاتصال بالموظفين لسؤالهم عن ماذا فعلتم اليوم أو تحويل بعض رسائل البريد من باب تكليفهم وهنا يتوجب على هذه الفئة من المدراء إعادة النظر في مفهوم الالتزام الوظيفي والبدء بالتركيز في المحفزات التي تخلق الالتزام المنتج الكمي والنوعي ليكون تواجد الموظفين فعال وذو جدوى.

ثانياً مدراء الرجل الواحد وهم ليسوا بقله هؤلاء يعتمدون على موظف واحد “جوكر” ينجز لهم كل أعمالهم دائما وكأنه لايوجد فريق عمل وظيفتهم تهميش الموظفين والآن العمل عن بعد يترتب عليه أثبات إنجاز المهام اليومية لجميع الموظفين وذلك يبدأ من جدولة الأعمال وتصنيفها وتوزيعها بشكل عادل وتحديد مواعيد تسليمها والمدراء الذين يفتقرون مهارة إدارة المهام والواجبات بالشكل الصحيح اليوم نراهم مكتوفي الأيدي موظفهم “السوبر مان” عاجز عن حصر الأعمال في تقريره ومديره عاجز من قبول ذلك التقرير ومثل هؤلاء المدراء يتوجب عليهم إعادة النظر في مسألة روح الفريق والكف عن الاعتماد والاتكال على موظف واحد على حساب البقية.

ثالثًا مدراء الروتين هؤلاء التقليدين العمل عن بعد من وجهة نظري ألحق بهم الأذى الوضع الذي نعيشه غير اعتيادي والعمل عن بعد بحد ذاته ليس مألوف والأعمال والخدمات تقدم بشكل مختلف مؤشرات الإنتاجية هي الأخرى تذبذبت أدائك المعتاد عليه هو الأخر متغير أن لم تكن من المدراء الذين يتعاطون ويتكيفون مع المتغيرات لن تستطيع ممارسة روتينك المعتاد علية أنت أمام فرصة لتغير مفهوم طريقة تنفيذ الأعمال يتوجب عليك أن تمتهن التغيير وأن تؤمن به أنت مطالب بتفويض الموظفين ومطالب بابتكار أسلوب يتماشى مع الوضع الراهن الشكوى التي سوف ترد إليك هذه المرة سوف تكون مختلفة وأسلوبك في حلها يجب أن يكون مختلف والدرس هنا هو أن تُعيد النظر في موضوع صقل مهاراتك في الإدارة والاستجابة للتغير وسرعة التكيّف روتينك يوقف الأعمال و يوطد الإهمال.

لا أريد أن أطيل في قائمة نماذج المدراء الطافحين على سطح وباء كرونا هم كثرة ولا يمكن تغطيتهم في مقال واحد ولكن وجبت الإشارة وتسليط الضوء عليهم لوضع مبرر للممارسات التي رأيناها من بعض المدراء أحد الزملاء يخبرني بأن مديرهم في الظروف الراهنة يقوم بشغل الموظفين بأرسال دورات تعليمية تقطعت به السبل في تكليفهم بمهام متعلقة بالعمل وتطويره بل يؤكد علي بأنه لا يحسن اختيار الدورات التعليمية يبعث لهم دورات لا علاقة لها بالعمل وآخر يشكو بأن مديرهم بدلاً من أن يقدم لهم الدعم والوقوف على احتياجاتهم يطالبهم بأن يرسلوا له ما تم إنجازه آخر اليوم وهم يعيشون في عصف ذهني غارقين في التفكير ماذا ينجزون أو ماذا يكتبون له.

استمرارية الأعمال هي مضي الأعمال على نفس الرتم الذي كانت عليه دون هبوط مستوى الأداء وضمان دفع عجلة التقدم والحد من تأثير العوامل التي تُعيق العمل في المؤسسات وفي دولة الامارات أثبتت الحكومة جاهزيتها للعمل عن بعد واتضحت لنا قوة البنية التحتية التي أُعدت مسبقًا لمواجهة مثل هذه الظروف وطُبقت خطط محكمة في مختلف القطاعات منها التعليمية واللوجستية والامن والتجزئة و أطلقت الحكومة حوافز اقتصادية كفيلة بتقليل حدة تأثير الوضع الراهن وما بقي هو من مسؤوليتنا في استغلال كل ذلك بالشكل الأمثل ليحقق نجاح خطة قيادتنا الرشيدة ويتوجب علينا المضي قدماً في تقديم عملاً عن بعد ذو كفاءة وجودة عالية ويعكس معنى استمرارية الأعمال.

متفائلين بأن هذه مرحلة وسوف تمضي ولو بعد حين ولكنها لن تمر مرور الكرام فهي اختبار ودرس لبدء مرحلة جديدة.

دمتم بودّ

بقلم: سيف النعيمي

محلل مالي – العين

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

المدونة على ووردبريس.كوم.

%d مدونون معجبون بهذه: